السبت، 12 يناير 2013

رسالة إلى العالم الآخر ..!!


رسالة إلى العالم الآخر ..


ملحوظة: الحروف شيء ، وكاتبها شيءٌ أخر ، لذلك اجعلوا لعنتاكم لا تتعدى الحروف ..

حبيبتي في العالم الآخر /
لازلت خاشعاً بالدعاء لأجلك يا عزيزتي  ..
الآن في أشهر هذا الشتاء الرديء وبعد مرور عامين وثلاثة أشهر وستة أيام بالضبط على رحيلك لازلت صورتك لا تفارق خيالي وعقلي وعيني..
أنا سيئ وغير منضبط بدونك ..؛ بالأمس كنت أمر بطريق .. ومرَّت بي من تضع عطرك العالق في ذاكرتي حينها دق قلبي بصوت مسموع والتفتُ وناديت عليكِ وكأنه لا يملك العطر سواك !!
لازلت أشتاق لكل لحظة قضيتها معك .. بل لازت أندم على كل لحظة لم أكن فيها معك .!!
الآن في هذه الساعة التي يأوي فيها كل حبيب إلى حبيبه وكل وحيد إلى فراشة قد بلغ بي الشوق منتهاه .. أشتاق لنور وجهك .. أشتاق لأن أستمتع بنظرة لهفة منك علىّ .. أشتاق لكلمة منك ولتكن ما تكون .. أشتاق لـ ....
حبيبتي .. اشتاق إليكِ
اشتاق إلى أن أضمك بين ذراعي .. أعلم أنك ستوبخينني بلطف على هذا ولكن ولا يُلام من يتمنى عناقا دافئا قبل النوم فنومي رحلة لا أعـود منها ..
ليس رحلة للموت الذي تمنيته ولازت أتمناه منذ اللحظة الأولى لرحيلك عني .. ولكنه رحلة لمزيد من الألم والمعاناة .. فغدا يومٌ جديد بدونك .. وغدا يومٌ جديد من ألم المرض الذي ألمَّ بي قبل رحيلك كما تعلمي .. نعم لازلت لا أتعاطى الدواء ولازلت أرفض كل نصائح الأطباء .. ما حاجتي إلى الحياة وأنتي لستِ فيها ؟!! لتعلمي أنه في اللحظة التي رحلتي عني هبط عليّ سلام وأحسست نفسي أني من أهل الأبدية وأنه لا حاجة بي لاستئناف المسير في هذا الحياة ..
 إني لأعتقد أن الله قد أهداني هذا المرض حتى يقربني منك في الدنيا والآخرة ! فقد عرفتك أول الأمر في المشفى كنت مريضاً  وأنتِ ممرضة رقيقة القلب تداوين ببسمتك كل متألم وبدأت قصتنا من المشفى  حين ألتقت عيوننا فتحادثوا ..
ولغة العيون بين عَين و عين عالم آخر و حديث آخر؛ سياج لا أحد يرى ما خلفه.
لكم أتمنى الآن لو أن يد الموت تكون أسرع إليّ من هذا؛ ولكن لا بأس فقضاء الله خير على كل حال .. لقد عاين الجميع امتناعي عن الدواء؛ لا من وراء حجاب بل مواجهة وتمرساً وبصراً وبصيرة وحين يرى طبيب هذا الزمان شيئا ويبصره .. فلا ينبئك آن إذن مثل خبير !
إنه ليُعنفني على هذا المعتقد !!! .. لكأنه يُعنف رجلاً مات إذ فقد هواه !!!
ليعلم أنه ليس من حقه أن يغلق عليَّ سبيلاً يقود إليكِ مهما كان هذا السبيل ومهما كان يُسيئ إلى مهارته و سمعته الكريمة.
أتذكرين  يا حبيبتي يوم أن كنتي على قيد الحياة وكانت تصيبني الأمراض بين لحظة وأخرى كأنها تُلّين عظامي للضجعة الأخيرة وحين  كنتُ أنفثُ رئتيَّ من شفتيَّ؛ حتى تخيلت أني سأفارق الحياة و طلبت منك حينها أن تقدمي لموتي حزن يليق به وألا تتركيه يمر دون التفاتة تخشع لها النفس، فوقفتي على رأسي بكل حزم وحب تطالبينني بأن أشفى لأجلك وتهدديني بأنك ستقتلين نفسك خلفي إن فاز بي الموت..!! كم كان مشهداً أنيقاً في كل شيئ .. حتى في الألم!
ها قد مرت سنوات فارقتُ أنا الموت وفارقتي أنتِ الحياة.. ها قد تبدلت الأدوار يا عزيزتي و صار عليَّ أن اٌنفّذ لأجلك ما كنتِ ستنفذينه من أجلي .. أكره الطب وكل ما يحول بيني وبينك  ... 
فقط كل ما أتمناه أن تهيئي نفسك لمقدمي .. لا تتكلفي العطور ولا الورود ولا الرياحين .. أخبري أمي أني في الطريق إليكما .. و إبدأي من الآن في فض مجالسك مع صديقاتك الراحلات .. لابد أنكِ شبعتي من مجالستهم ولابد أنكِ تعلمي أن لا أحبهم( رحمهم الله ) ولا أحب مجالستهم .!!
ابشري و بشّري كل من يحبني ..

أشعر أن نهايتي قد اقتربت و بأن حبل الوصال بيننا سيتجدد ..!!

أيمن فتحي علواني

الاثنين، 7 يناير 2013

في رحاب الأمس .!!


فيْ رِحَابِ الأْمْس
ماذا يمكن أن يجمع اليوم بالأمس ؟ أو بالأحرى ؛ ما الذي عساه يجمع بين عجزي بالأمس وقدرتي اليوم ؟
لطالما جال هذا السؤال بخاطري كلما تذكرت و عاينت عجزي عن شيء بالأمس ؛ تُرى لو سمع الأمس ما يجول بخاطري الآن حوله من أسئلة ماذا تُراه يصنع ؟ لو علم أن هؤلاء الناس جميعاً أو معظمهم ليس لهم حديث إلا عنه : لو علم أن من الناس من يستنزل عليه اللعنات لأنه كان بائساً فيه : لو علم كم من المآسي تُحكي كل لحظة على ألسن الناس والعهدة في صدق هذه المآسي على الأمس وحده : لو علم أن احترام الناس له المبني على احترام القدر لم يدم أكثر من ساعات ودقائق ثم بدأ الهمس يعلو والهمهمة ترتفع والثرثرة تدوي في طنين كطنين الذباب .
اعتقد لو أنه سمع ما يدور حوله من همز ولمز لصاح في الناس يرد غيبته : أتسمون أنفسكم بشراً أيها المتخاذلون ؟ انصرفوا أيها اللكعاء ؛ دعوا الأمس واعملوا اليوم !!
شخصياً لا أعتقد ان الأمس يمكن أن يفعل هذا أو أن يُعير هؤلاء اللكعاء أي انتباه ؛ إنه ما إن يبصرهم هكذا حتى يشخص ببصره عن أهل الأرض جميعاً فلا يكونوا في حاضرهم منه في شيء إلا حسنات رفعها و أوزار لهم حفظها .
إذن سؤالي هذا لا معنى له عند الأمس ولا قيمة ؛ إنما هو سؤال يفرضه عليّ فضولي و وقاحتي و خيالي المريض ؛ لكني رغم ذلك مُصر على معرفة جواب سؤالي من الأمس شخصياً ؛ من أجل هذا تواقحت وتصافقت و قطعت سكون الامس في خلوته بحديثي ...
-       صباح الخير أيها الأمس .
-       (ساخراً) ماذا تقول  !!
-       أقول صباح الخير !! إنها تحيتنا التي عاينتها بنفسك عند قدومك إلينا نحن معشر أهل الأرض .
-       أعرف أنها تحية : ولكنها تحية توحي ببداية اليوم ولا يليق بك أن تذكر بداية اليوم في وجه الأمس هكذا بكل صفاقة وكأنك تسخر منه .
-       عذراً عذراً ؛ لكني لم أقصد منها كل هذه الإيحاءات !!
-       ذلك أنكم قوم تجهلون قيمة الكلمة و قيمة اللحظة .
-       إذن ؛ وبكل حزن : مساء الخير أيها الأمس الجميل  .
-       ولا حتى هذه  ؛ إنها تذكرني برحيلي عنكم إلى الأبد ولحظاتي الأخيرة فيكم .
-       لقد حيرتني ؛ ماذا أفعل تحية لك و تقديراً حينما أقبل عليك ؟
-       يكفي أن تُقْبل على الأمس بوجه متجهم و قلب متتوق للغد .
-       لماذا رحلت عنا أيها الأمس ؟
-       عادي !
-       عادي !! ماذا تعني ؟!
-       أعني أني رحلت كما يرحل كل شيء وكما سيرحل كل شيء في الوجود .
-       قتل الله الفلسفة التي ملأت عقول الناس والخلق جميعا !
-       مالي أقرأ الضجر والغضب من جوابي في وجهك !
-       أسألك عن رحيلك عنا و تركك فينا كل هذه الآلام و إصرارك على إثبات عجزنا و رحيلك عنا بكل عزيز وحبيب فأرجوك لا تجيبني بهذه الفلسفة القاتلة .
-       ويا عجباً للناس ؛ كأنكم ملكتم أعماركم و ضمنتم لأنفسكم دولتي الليل و النهار؛ فلا تفكرون إلا في زاد الدهر و الحياة المتطاولة و لا ترتابون في أنكم تعيشون عمراً واحداً محدود ومع ذلك تمنون أنفسكم بأحلام تفنى فيها أعمار كثيرة ؛ تلك مهمتي فيكم أن أخرج من بينكم أو تخرجون أنتم مني ومنكم القانع ومنكم الضاجر .
-       تلك هي رسالتك في الحياة أيها الأمس !!؟
-       نعم ؛ وأن أخرج منكم بحسناتكم وسيئاتكم و أن أحمل إلى رحابي بعض أحبابكم حتى أحتفظ لنفسي بذكرى في عقول الأحياء منكم .
-       ماذا تقصد ؟!!
-       أقصد أنكم لن تذكروني و تذكروا تاريخي إلا بموت فلان و قتل فلان لفلان و عجزكم عن شيء في تاريخي : أفلا ترى أني إن رحلت عنكم بلا آثار فإنكم لن تذكروني و لن يبقى ذكرى في صفحات تاريخكم معشر البشر ؟
-       لكن ذكرك في قاموس أكثرنا كُتب بحروف أشد سواداً من قبعة الكاهن و بمداد دموع الثكالى والعاجزين .
-       فلتجفف النساء دموعهن الغالية وحذار أن يُتلفن هدباً واحداً من أهدابهن الجميلة ؛ فالحياة كلها لا تساوي هُدباً واحداً من أهدابهن الرقيقة ؛ أنا أعلم أنه لولا جلال القدر ورهبته لألقيتم علىّ نعالكم ذات الكعوب العالية وغير العالية .
-       ذلك أنك أيها الأمس لم تعاين هَمّ من يحس ويرى كيف يموت العزيز وكيف يتحول أحلى ما في حياته من أماني و أحلام إلى ذكرى .
-       لأنكم نسيتم أن سنة الله فيكم ماضية و أمر الله لابد واقع و الموت من أوامر الله .
-       لكنك كنت قاسياً ولم تمهل رغبتي في السعادة وتلك أيضاً رسالتي أنا في الحياة .
-       رسالتك أن تعيش و تُمني نفسك بشهوات الحياة تريد أن تجمعها بين معطفك كمن يريد أن يغترف بحراً بكأس !!
-       لا ؛ بل رسالتي أن أبني لنفسي مجداً ولا مجد لمن ليس له مال وحين أملك المجد أكون في أهل الأرض الألف و الباء وتكون كلمتي في الناس - ولو بظلم - هي القضاء وبالمال أملك سعادة نفسي .
-       إذا كنت  تعتقد أن المال كان سبيلك للسعادة  في رحابي فأنت واهم .
-       بل السعادة كل السعادة في مِلاك الأشياء مجتمعة ولا يكون ذلك إلا للغني ؛ فيجعله غناه بالأشياء ملكاً لغده و ليومه و ملكاً على الناس يقهرهم .
-       إن لم يكن الغني من الناس يواسيهم ويسعفهم ويتخذ من المال سبيلاً إلى قلوبهم بالمساعفة والإحسان ويأخذ لنفسه بقدر ما لها و يعطي منها بقدر ما عليها ولم يكن ذهبه عند دموع البائسين و اسمه في دعوات المحتاجين فلا قيمة له عندي وعليه من لعنات الله والملائكة والناس أجمعين ما يرافقه أيما منقلب ينقلب .
-       إنما طلبت المال في رحابك لأملك كل المتع ولأستجلب ما لم أجده في فقري .
-       أوليس في الأرض غير المال ما يمكن أن يُستلذ به ، وأين تلك السوق التي يبتاع منها المريض العافية والحزين مسرة والهرِم شباباً والميت رجعة أخرى ؟؟
-       يبدوا أني أخطأت حين أقبلت عليك بأحلامي و أمانيَّ ؛ لقد نسيت أنك لست مهداً للأحلام وإنما قبراً يقبرها , إنه لا أمل فيك ولا رجاء .
-       إنما أنا خطوة منك على طريق نهايتك فليست الأيام معنى حياتك وهدفها كي تسعي إليها هكذا ممنياً نفسك بوهم الخلود .
-       إنما الحياة كل الحياة لي ، والمجد كل المجد لي ، والسعادة كل السعادة لطويلي الأمال أمثالي رغم أنفك أيها الفقيد المُسجى .
-       ماذا تقول ! هل هذا سب !!
-       بل سخرية منك أيها الفقيد لأنك تتمثل الآن دور الناصح الحكيم المتواضع بعد رحيلك ولو أني حدثتك في حياتك لملأت نفسي أملاً ومُتعاً ومن ثَمْ ..سعادةً .
-       لو أن السعادة مما تنبت الأرض و تسقي السماء أمام ناظريك ما كانت حينها أيضاً إلا بأمر من الله وقدر ؛وقدر الله ألا سعادة إلا للقانعين الذين لا يزيدون في أحلامهم عن غايتهم في إرضاء الله .
-       (ساخراً) وأين بقية الأحلام والمتع .. هل هي نظريات ثَبُت فشلها الآن !!
-       وأين ما صبته السماء من نيرانها وما أخرجته الأرض من وشيها وما تغنت به الطير من أغاريدها وما صح وما فسد ، وما ضر وما نفع ،وماصدق وما كذب ؛ في كل لحظة تمتلئ الدنيا لتفرغ ثم تُفرغ لتمتلئ وماضيها ومستقبلها مطرقتان يطحنان بالموت كل مار بينهما .
-       (ساخراً ) لقد رفعت الآن من معنوياتي حتى لتكاد تلامس فلك الثُريا !!
-       أيها المغرور ؛ ما أراك إلا دائباً في طلب الحياة حتى تكاد تفقدها من شدة الطلب ؛ فإياك و إياها .
-       إيّاي و إيّاها !!!
-       نعم ؛ لا تأخذ معنى الحياة من نفسك فإن لنفسك أغراضاً تريد أن تكون هي الحياة ؛ ولا تأخذه من الأحياء فإن فيهم أغراض نفسك ؛ ولا من عمرك القصير .
-       ألم أقل لك ؛ وحده الغد من آخذُ منه معنى الحياة .. لابد لي من لقاء معه .
-       لا ؛ بل خذ معنى الحياة من القبور التي تملأ الرُحب والأفواة الصامتة التي لا تكذب ؛ واسمع للحياة إن كنت تعرف لغتها أو اسمع للموت الذي يعرف كل حي لغته .
-       أسمع للموت !!
-       تماما ؛ كما تقول .
-       أخطأتُ لما توهمتُ أني سآخذُ منك معنى الحياة ومُتعها ؛ لابد لي من لقاء مع الغد أستمد منه روح الحياة ومعناها ، فإلى اللقاء أيها الأمس المتشائم .أقسم أنه لا فائدة من مناقشة ( أمس ) مضى !!

أيمن فتحي علواني

الاثنين، 26 نوفمبر 2012

رسالة إلى الإخوان ..


إلى الإخوان ..
استقيموا يرحمكم الله ..
أنتم أهلنا، منا وعلينا، وليس ثمة من مأوى لكم سوانا.. اللهم سلّم سلّم، ونحن أهلكم، بكم ومعكم، وليس ثمة من مطلب لنا سوى العدل والحرية والكرامة لنا ولكم .. اللهم سلّم سلّم ، كونوا معنا لا مع أعدائنا نكن معاً على عدوكم وعدونا .. اللهم سلّم سلّم ، فاض بنا الكيل فارحموا أنفسكم وارحمونا علَّنا نرحم فيكم ذات يوم عزيز قوم ذل.. اللهم سلّم سلّم .
بسم الله الرحمن الرحيم
( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )
صدق الله العظيم



الثلاثاء، 6 نوفمبر 2012

رسالة إلى الغائب ..


إلى الغائب..
عزيزي الغائب /
لقد كذبتْ نبؤتك بأني سأنساك ... لم أنسك يوماً .. فهل نسيتني ؟؟!!
اعترفٌ بين يديك ؛ أنا شخص شقي وليس الشقاء هو البكاء كما ليست السعادة هي الضحك ؛ إنما الشقاء في نار الاشتياق ..
أكتب إليك –خلافاً لوعدي _ بعد أن صارت عيني ملئا بالدموع .. إن كتمتُ في نفسي الجوى وجففت في ماقيَّ الدموع ؛انطلقت الآهة من بين الحنايا ، وإن كتمت الآهة وتركتها تحرق فؤادي وحدي ؛ انسابت الدمعة .. وبين الدمعة والآهة .. يتململ القلم في يدي ليبوح –كما ترى – بافتقادك .
ألم أخبرك يا عزيزي بأني شخص مهزوم ؛ وقد كانت محاولة نسيانك هي آخر ميدان دُحرت فيه وأعلنت فيه – عن رضى – هزيمتي ..
لعلك تُنكر عليّ ما أقول الآن وتذكرني بكلمات القوة والصبر التي نسجتُها بعد بُعدك وغيابك ... ؛ لا يا عزيزي ؛ إنما نسجتها تشجيعاً لنفسي و تسلية لها كمن يسلي نفسة في الظلام بالغناء هرباً من حقيقية أنه وحيد في الظلام .. تراه هل بغنائة لم يعد وحيداً !!!
لقد كنتُ أُوهم نفسي بأني  شخص قوي قادر على التحمل والصبر ؛ لَكَم ناجيت نفسي وناشدت الله و التمستُ كل مواطن الصبر وتمنيت لو كان بضاعة تُشتُرى إذن لناديت  أن يا بائع الصبر لا تشفق عليّ .. أنا المشتري ؛ ولكن لا كان الصبر بضاعة ولا كنتُ أنا المشتري !
أرجوك أرجوك  لا تنظر إلى هكذا ولا ترميني بالضعف ؛ قاتل الله الضعف !
ولكن أليس هذا الضعف هو ذاته الذي كنت تمدحه فيّ ! لا يجب أن تنسى هذا يا عزيزي ... ؛ كنت دائما تقول (
لماذا نعد الضعف نقيصة في الإنسـان ؟ بل يجب أن نستثمره) وكنتَ تُفرق  بيه بين من في قلبة رقة و شعور وبين من قلبة آلة لا تحس ولا تشعر ! وها أنا ذا استثمر هذا الضعف كي تعلم مدى ما بيَّ .
تُراني أُغاير الحقيقة والواقع يا عزيزي ! تُراني أحاول تبديل وجوه المعاني و معاني الوجوه !!
لا تنظر إلي هكذا ولا تضحك ولا تسخر ؛ فليس هذا لأجل حبك فقط ؛ لو كان حبك في قلبي هو وحده ما انهدم ما كنتُ بكيت عليه كثيراً وأنما أشكو حبك الذي جعلته أنت يتغلغل في كل حياتي و في كل الأشياء والأشياء التي في الأشياء ، فلما ذهب ذهب معه كل شيء وانهدم كل بنيان في حياتي .. إنني أُحملك المسؤلية كاملة عن انهيار حياتي .. ؛ لماذا إذا كان الله والقانون الدولي وواقع الأمر قد أعطوني جميعاً الحق في توجيه الأتهام للمتسبب الحقيقي في هدم حياتي ...لماذا اتهاون في حق نفسي وأنسب الاتهام الى من سواك !!
إن أمي المسكينة لا تزال تُذكرني  كل يوم سبع مرات بأنها (تنتظر نجاحي) .. ولكن عن أي نجاح تتحدث !! إن كلمات النجاح لم يعد لها في قلبي موضع ولم أعد أفكر فيها .. وحدك أنتَ ملكت النفس والفكر والعقل والقلب !
كل ما أردت قوله لك :أني لمّـا أُطق فراقك وأتخيلك كذلك ؛ فأردت أن أكسر حاجز الكرامة التي ربما تقف بين قلبينا ... ثم أردت أن أقول لك أن فكر جيداً و أعد ترتيب الأوراق من جديد ليس شفقة بي وإنما وفاءاً لكلماتك مبادئك التي ملئت رأسي بها عن ألا كرامة في الحب ...
وفي الختام ..
أستغفر الله إن كان الهوى خطأً ؛أو كان هذا عقاباً أصله عملي ..





الثلاثاء، 23 أكتوبر 2012

قلمي .. !


قَلمْي ..


لقد غفلتُ الآن عن نفسي هُنيهةً أو هي غفلت عني بعد عناء يوم طويل ؛ فما نبهني سوى صوت اضطراب في غرفتي انتفض له قلبي وارتعدت منه فرائسي ؛ وما أسرع ما اجتمعت أشتاتُ الحياة التي توزعْتها الآمال والأحلام والكوابيس خلال نومي وانغمست في بقايا هذا الجسد المنهك لتعود سيرتها الأولى على وجهة الحياة ...
-       من هنا ؟؟!!
-       قلمك .
-       قلمي !!
-       نعم أنا قلمك الذي هجرته حتى نسيته .
-       وماذا تفعل في هذه الساعة أيها القلم الصغير  المُتعِب .
-       جئت إليك فقد مللت أدراج مكتبك الذي هجرته هو الآخر كما هجرتني وهجرت أفكارك و أوراقك .
-       يبدو أنك تود الثرثرة وأنا في حال يُرثى لها من التعب والإرهاق .
-       بل انهض فوراً واطرح اوراقك والتقطني و أرني تجلياتك التي عودتني عليها ؛ فقد اشتقت إلى فنك وإبداعك .
-       (متثائباً ) قريبا جدا إن شاء الله و لكن دعني الآن ؛ ألا ترى أني أتثائب وأكاد أهذي من شدة التعب .
-       هذا هو ما اريده تماماً منك ؛ أن تهذي و أن تنطلق من هذيك إلى أفكارك في رحلتك المعهودة ؛ ثم تعود من رحلتك هذه لتصوغ أفكارك في شيئ أشبه باللوحة يتألق عليها جوهر الموضوع .
-       رحماك يارب ! أَفَرَغت السماء من الرجوم فلم يبق فيها رَجْمٌ يسقط على هذا القلم القزم الُمزعج ؟؟!!
-       إذن ؛ عزاءاً عزاءاً على أفكارك وسنوات خلت كنت أنت فيها في الإبداع الألف والباء.
-       حذار أيها القلم ؛ لا تنسى أني كتبت من الأفكار أكثر عدداً من تراب قبري و يشهد تآكلك وقِصرك على صدقي ولكن أما وإني الآن في هذه السن المتقدمة فقد آن لي أن أرتاح وبحسبي ما مضى .
-       لكن أفكارك لم تجف ورأسك لم يمت .
-       بل ماتت رغبتي في الكتابة .
-       لكن عهدي بك أن أفكارك وكلماتك تُحيي أرواح الكثير  من قارئيك .
-       أنت تغريني أيها القلم !!
-       بصراحة ؛ نعم أُغريك ؛ ولكن هذا دوري و دورك أنت أن تكتب .
-       ولكن ما مصلحتك أنت أيها القلم ؟
-       مصلحتي هي حياتي ؛ إن لي أنفاس معدودة وعمر محدود أوشك أن ينتهي .
-       مصلحة شخصية يعني ؟؟
-       تماماً .
-       حسناً من أجلك أنت أولاً يا صديقي القديم و حتى تنتهي حياتك على كتابة كلماتي سأنهض حتى أكتب .
-       شكراً على ذوقك العالي و إحساسك بالمسؤلية .
-       حسناً ؛ جائتني فكرة رائعة للكتابة .
-       ؛ لديك فكرة .؟ اطرحها فوراً ... ولكن حذار  أن تُطيل فإني لم تعد بي قدرة على مجاراتك كما الماضي فقد تآكلت و أُوشك أن أموت .
-       سأُراعي عمرك القصير يا صديقي القديم .
-       حسناً ؛ و لكن عماذا ستكتب وما هي فكرتك ؟
-       عنك أنت .
-       ماذا تعني ؟؟!
-       لقد ساهرتني أيها القلم لتحادثني، وكم ناجيتك لأستخرج الفكر من نفسي وقد نجحتَ في أن تبُث في نفسي الحماسة من جديد ؛ فمن أحق بالكتابة عنه والثناء عليه منك أنت ؟
-       شكراً لله الذي أراني نُبلك القديم من جديد قبل أن أموت  .
-       سوف لن أسلمك في يد الغيب إلا مع آخر نَفس من أنفاسك؛ ومع ذلك فإني سأحرص على أن أجعله كأنه نفس من حياتك في الآخرة تعيش على ذكراه .
-       جزيل الشكر  لك ؛ تفضل بالكتابة ..
-       حسناً ؛ سأكتب ... " قلمي الحبيب في البداية أرجو من الله أن يُطيل أنفاسك ..."
-       ( مقاطعاً ) و أنا أرجوك أن تختصر المقدمات .. أُوشك أن أموت .
-       لا تقلق ؛ الأعمار بيد الله ..." قلمي الحبيب في البداية أرجو من الله أن يُطيل أنفاسك و أن يرزقك حسن المنقلب في الحياة الآخرة و أن ... "
-       (مقاطعاً ) أني أموت بين يديك و أنت لازلت في سياق الدعاء !!
-       لا تخاف سوف أدخل في الموضوع الآن .
-       أرجوك !
-       " قلمي الحبيب في البداية أرجو من الله أن يُطيل أنفاسك و أن يرزقك حسن المنقلب في الحياة الآخرة و أن يجعل حسناتي وحسناتي في ميزان أعمال سيادة الرئيس راعي الثقافة في بلدنا ... أما بعد  "
وهنا كان قلمي قد جاد بأخر أنفاسة النبيلة ؛ و أصبح بين يدي في مقدار عقلة الأصبع التي توشك ألا تُرى و لا تُمسك ... ؛ لقد رحل قبل أن أكتب في مدحه كلمة ؛ أتُراه رحل راضياً عني و عن نيتي الطيبة ؛ أم تراه رحل آسفاً على نفاقي مع السيد الرئيس ؟؟
لكنه على كل حال رحل ؛ ولم يخرج مني بغير دعائي له بأن يرزقه الله حُسن المنقلب ؛ رحل و لم يظفر مني طوال حياته بغير تقصيفي له كل فتره حتى مات ...
لقد رحل وقد زرع بداخلي من قديم الرغبة في الإبداع ثم جددها فيّ بعد طول معاناة .

هكذا كُتب على القلم أنه من تولاه فإنه يدعه على روح غير روحه ، فمهما يصيبه من لذةٍ أو ألمٍ فإنهما يتحولان معه إلى اللذة والألم جميعا فيكون
 " الألم اللذيذ " .