الاثنين، 22 أكتوبر 2012

يحكى أن ..


يُحكى أن ..

يقولون بأن أحلى ما في الأيام هو تذكرك لها بعد أن تمضي بحلوها ومُرها ؛ وأن هناك لكل فترة في عمرك مذاقها الخاص الذي يضفي لها حلاوة و طعماً ؛ ويقولون أيضاً بأن أحلى ما في العمر سنوات الدراسة الجامعية تلك التي تلهتب فيها حواسك الخمسة كلها من سمع وبصر وإحساس و تذوق و شم ؛ ويقولن كذلك أنها سنوات الألم اللذيذ ..
ولكن ماذا لو أدركت وأنت على وشك إنهاء هذه المرحلة أنك لا تعيش أحلى أيام عمرك .. أو بالأحرى .. أنت لم تقضيها على نحو يجعلها أحلى أيأم عمرك ؛ ثم ماذا لو أدركت أن كل ما هو آت لن يكون بروعة ما مضى ؟ ؛ ماذا لو ضبطت نفسك أكثر من مرة تشتاق لسنوات سابقة ؛ تشتاق لأحداثها و آلامها البسيطة ؛ تشتاق لصداقة مهما تعكرت فإنها تظل نقية مقارنة بصداقات أيامنا الراهنىة التي لم أستقر على درجة سوداها حتى الآن ؛ تشتاق لأغنية سمعتها منذ أكثر من سبع سنوات ولا تجد لها بديلاً من كلمات و أغاني الآن !
إحساس لا تنقصة نشوة ولا غموض يناتبني و أن أستمع كل خمس دقائق إلى أغنية للفنانة إليسا أو للعملاق كاظم الساهر أو غيرهما وكلها من إنتاج عام 2006 على أقصى تقدير ؛ ثمة قشعريرة غريبة تسري في جسدك و أنت تتذكر موقف معين في مكان معين استمعت فيه لهذه الاغنية مع أشخاص بعينهم ربما لن يتكرروا في حياتي كثيراً ؛ رفقاء مدرسة ( المتفوقين الثانوية ) ..
فقط أغمض عينيك و غص بالتفكير نحو  هذه المرحلة أو نحو ما هو أبعد .. موقف بعينه حدث قبل دخولك للجامعة ؛ تذكر ملامحة وأحادثة وتفاصيلة الحلوة والمُرة ؛ تذكر كيف كان شكلك وكيف كانت هئيتك وكيف كانت هيئة أصداقئك ؛ تذكر كيف كانت قشعريرة  غريبة تسري في جسدك حين تجدك تسعى لأن تتبادل الحديث مع الجنس الآخر و كيف كنت تستجمع كل مشاعرك في كلمة أو جملة أو رسالة تلقيها في وجه الطرف الآخر ثم تولي مدبرا تختبأ من عينه و من عيون الناس ؛ تذكر كيف كنت تستقبل أنت أحيانا هذه الرسالة العفوية بهذا الخط العفوي الجميل ثم تدسها في جيبك كما الكنز و تهرول وتختبأ من الجميع حتى تخرج كنزك من جيبك وتقرأه ألف مرة و أنت تتلفت وكأن عيون العالم كلها تترقبك ..!!
إحساس غريب بالسعادة وأنت تهرب من الحاضر إلى الماضي ؛ تعيشه ، تتذكره ، تُعيد  الاستمتاع بكل لحظة مضت ؛ يرافقه وينجم عنه إحساس بالتحسر على سنوات قضيتها في الجامعة مليئة بالأحداث لكنها تفتقر إلى المتعة واللذة و أحداث المغامرة ؛ تفتقر كذلك إلى لذة أن تفعل الممنوع والمحظور ؛ فلم يعد الآن ثمة محظور أو ممنوع أو شيئاً تتعب فيه لتجد لذته ...
قد يجيب احدنا ويقول أن عادة النفس أن تركن إلى الماضي وتستحضر متعه و ألا تجد لذة ما هي فيه الآن إلا بعد أن تفقده ؛ أقول : لكن الغريب يا أخي أننا كنا نُدرك متعة ما كنا نفعلة من قديم في نفس اللحظة ولم نكن مضطرين لأن تمر سنوات حتى ندرك أننا كنا نستمتع ...
لماذا فقد كل شيئ لذته ؟ الصداقة والحب و النجاح و السفر و .... حتى فقد الأب هيبته وفقد المدرس ما تبقى له من بصيص كرامة و رأس شامخ !
لماذا فقد الكبير مكانته ؛ وتخلى الصغير عن احترامه و أدبه ؟؟
أتُرى يكون العيب في نفوسنا ؟؟ أم أن ناموس الحياة .. أن ننتقل دوماً وبسرعة غريبة من سيئ لأسوء؟
أتُرى يمكن أن نستعيد اللذة في كل شيئ نفعله ؟؟ و أن نستمتع بالحاضر بدل أن نهرب إلى ماضينا ؟

استقيموا يرحمكم الله ...




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني مشاركتك وإبداء أرائك في هذه المساحة