الخميس، 19 يناير 2012

مع سبق الإصرار و الترصد !!


مع سبق الإصرار و الترصد
" عـسـى ربـكـم أن يُــهـلـك عـدوكــم و يــسـتـخـلفـكم فـي الأرض فـيـنـظـر كـيـــف تــعــمــلون "
صدق الله العظيم
هذه دعوة مع سبق الإصرار والترصد لأن نرفع رؤسنا جميعاً فخراً بما فعلناه و ما فعله شباب مصر جميعه ؛كانت في عمر الزمان لحظة لكنها في عمر مصر والمصرين تتعدى مجرد كونها لحظة ... لحظةٌ سقط فيها القناع عن الذين كانوا بالأمس "سادة مالكين" و كشفت لنا من وجوه الشياطين ما يجعلنا اليوم نقف أمامها لحظة او لحظتين نستقي منها دروساً في الإصرار و فنونا في التحدي .
الخامس والعشرون من يناير كانون الثاني من العام الأول من العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين .... يومٌ " تغير فيه وجه مصر" .. أو هكذا نتمنى أن يكون! .. لكنه على الأقل يومٌ أتاح الفرصة للبعض كي يقنع البعض الآخر بأنه يوم " تغير فيه وجه مصر"  !!
في هذه الثورة  الطاهرة التي تظاهر فيها أبناء مصر شبابا و شيبة أطفالا ونساءاً مطالبين ب "سقوط النظام "  و بوضع حد للفساد الذي حكم البلاد والعباد أعواماً متمثلا في رئيس فظ غليظ القلب يحكم وبرلمانٍ مزورا يُشرِع و وزراء لصوص يقومون على أمر الشعب و دستورا مهلهلا على رقاب العباد مسلط ؛ في معادلة غريبة الأطراف عَز  أن توجد في أمة ولا تنهار في سنوات معدودة ... ولكن الله سلم ... لقد وصلت الحال حينها الى ان هجر الشباب أوطانهم بعد ان اشتد العيش قساوة و قتل الأبناء أبائهم وتضاعف الذين لا يملكون وتنامت وبشراهة ثروات الذين يملكون بعد أن صاروا يتحكمون في مقدرات وثروات هذا الشعب .
لقد عرف المصريون العوز دائماً عبر التاريخ، لكنهم لم يعرفوا اليأس أبداً كما عرفوه قبل هذه الثورة . حينها صار من نوافل القول؛ أن مصر تنقسم إلى مصرين. مصر هؤلاء الذين يملكون، ومصر أؤلئك المعدمون. هؤلاء المنسحبون الذين يعيشون في بروج مشيدة تحيط بها أسوار شاهقة، ومصر أؤلوئك الذين لم يعد لهم سوى الله ...
 دفقة القهر و انحسار العدالة و اختلال القيم؛ يا قارئي لا ترْجُ مني الهمسْ، لا ترْجُ الطربْ، حسبي بأني غاضبٌ و النارُ أوّلُها غضبْ !!
و قبل أن يشنق بقية الشعب المصري نفسه على كوبري قصر النيل كان لابد لنا من أن نخرج  و أن نثور و أن نُعلن للجميع أننا قادمون وأن زمان اللصوص آن له أن ينتهي .. خرج الثوار  يقولون لكل من سرق و بطش و أفسد : أرحل .. كان للعالم كله آذان تسمع و عيونٌ ترى فسمع الكون كله بل سمع الله جل جلاله نداء الثوار المظلومين ؛ غير أن الظالمين لم تكن لهم في هذه اللحظات آذان ولا عيونٌ ولا أنوفٌ ولا أصابع ... ولا كرامة ؛ كل ما تَمكن من فعله هذا النظام البائد لشعب غاضب يئن و يطالبه بالرحيل هو  أن أمر بالعنف والشدة والغلظة ؛فما كان من الشعب إلا أن زاد إصراره ولسان حال الجميع في صوت واحد : اضرب وأبطش كما شئت، أنت ضعيف وإن تظاهرت بالقوة، نحن الذين بوسعنا أن نمنحك القوة حين نمنحك الشرعية، اضرب ضعفك بعنفك وعنفك يهزمه سلمنا، كلنا سوف نقصد الميدان لأن الوقت قد حان .
وقدم العديد من شبابنا أرواحهم ضريبة هذه المطالب وتلك الحرية ... ذهبوا إلى جوار الله .. شهداءاً ؛على الأقل لأجل ما رأوه من هول في لحظاتهم الأخيرة ؛ قضاء الله ولا راد لقضاء الله .. لكن قضاء الإنسان يمكن أن يُرد ؛ماتوا مرة و بعضهم ماتوا مرة واغتيلت أسمائهم مرة فيما يموت أهليهم وذويهم في اليوم ألف مرة ... يسعى الظالمون لقتل شعوبهم ثم يشوهون في عيون العالم ذكراهم؛يزداد الظالم بطشاُ وتزداد صورة الشهيد تشوهاً..تلك إذن قسمة ضيزى!!
ثم سقط العرش و انكشف القُبح وعادت مصر  لنا وطناً وأماً حنوناً .. مصر التي حكى لنا عنها الأقدمون ...مصر التي أشعل جدي خيالي بقصص جمالها وروعة شعبها ودفء المشاعر  بين أهلها ..مصر التي شهد العالم كله بعد هذه الثورة وقبلها بأنها دوماً " تصنع التاريخ " .
وقد منحتنا هذه الثورة الكثير والكثير من المكتسبات التي لطالما اشتقنا إليها .. منحتنا حريتنا التي سُلبناها في سنوات عجاف مضت ... كنا نسير في شوارعنا .. في مدارسنا .. في جامعاتنا ..في كل شبر من أرضنا ونحن نحس أن ثمة من يراقبنا ويقفي خطانا ... بل ثمة من يتربص بنا .... نخاف أن نقول الحق أو ننصر مظلوم أو نلعن شراً .. لأن فعلنا هذا ربما لا يوافق هوى مسؤل بعينة ... كنا نرى المخبرين و المدسوسين في وجوه كل الناس حتى فقدنا الثقة في بعضنا البعض .. كنا لا نصارح أنفسنا .. حُرمنا من الشكوى .. حُرمنا من أن يبث الأخ إلى أخيه الحديث و النجوى ... إذا ذُكر الغلاء سكت الجميع خوف ان يكون هو وحده المتمرد والشاكي ... إذا ذُكر الفساد صمت الجميع خوف أن يكون حديثه قلباً لنظام الحكم و اعتراضا على الذات الرئاسية !! وكأننا قطيع لا يجب علينا أن نعترض و أن نحس وأن نقول لا ... وكأن هؤلاء الطغاة الظالمين لم يعلموا أن الحريه شمس يجب ان تشرق في كل نفس ..و أن من يعيش محروما منها يعيش في ظلمه حالكه.. يتصل أولها بظلمة الرحم واخرها بظلمة القبر ... وأنها إذا لم تشرق في كل نفس ؛ أحرقت من حبسها ... لقد ثار هذا الشعب من أجل حريته وكرامتىه التي سُلبت .. كنا نشاهد الكثير من مقاطع الفيدو تحكي لنا كيف يتم التعامل في أقسام الشرطة مع المواطن البسيط الذي لا يملك إلا أن يقف على عتبة باب الله شاكياً من ظلم ضابط أو قهر من هو أدني من الضابط !! ألم تكن هذه المشاهد تأرق مضاجع الظالمين ... ألم يعلموا بأن باب الله مفتوح لكل المظلومين ؟! ... لقد أكسبتنا هذه الثورة الطاهرة حريتنا وكرامتنا و عزة أنفسنا وحري بنا أن نحافظ على هذا المكتسب العظيم الذي دفعنا لقاءه الكثير من الدماء و أصوات الدعاء .
مايو 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يسعدني مشاركتك وإبداء أرائك في هذه المساحة